أية :{ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي }
في يوم الخميس ليلة الجمعة الموافق السابع من محرم عام 1432هـ توفيت ريما أو ريكس بعد صراع طويل ومرير مع مرض السرطان ، رحلت وأبكت الجميع تاركة وراءها رواية تحكي عن اسطورة من اساطير الصبر عند اشتداد البلاء .
نزل الخبر على الجميع كالصاعقة وكان وقعه ثقيلاً على أهلها ومحبيها ..
ياترى من هي ريما أو ريكس التي أبكتنا وأبكت الجميع :
هي ريما نوواي ، فتاة عشرينية يافعة ناضجة تشعُّ تفاؤلاً ومفعمة بالحياة ، هي فتاة عادية ولكنها شخصية استثنائية نادرة ، موهوبة ، مرحة ، ناضجة ، مولعة بشغف التقنية ، مدونة ، رسامة جرافيكس برتبة امتياز ، مصممة مواقع ، مغردة متميزة في تويتر .. بالإضافة إلى كونها إمرأة عاملة تعمل في مجال طب الأسنان كتقنية ماهرة .
أصيبت بورم السرطان بعد تخرجها من المرحلة الثانوية واستمر معها لسنوات تخللتها عمليات جراحية وفترات نقاهة وعلاجات كيماوية وإشعاعية وهرمونية .
ريما هي رواية ملهمة لكثير ممن فقدوا اليأس والقنوط من روْح الله .
بحكم حبي للشبكات الإجتماعية والمدونات .. كنت أحب البحث والإطلاع عن كل ماهو جديد ومميز في التقنية والمدونات الملهمة .
ومن خلال تويتر كانت قوة تغريداتها ومشاركاتها تصلني عبر الريتويت . تابعتها ووجدتها إنسانة ملهمة وموهوبة بمعنى الكلمة تطوع بأناملها الرقيقة من الفرشاة رسماً سحرياً مليئاً بألوان الحب ، ناطقاً بالحيوية والإبداع والأمل .
لم أكن حينها أعلم بمرضها ، كانت في إحدى الأيام تشكوا من سعال رهيب أرّق مضجعها وكانت تشارك المغردين وانا منهم مشاعرها واحاسيسها فدار بيننا حوار وطلبت منها تجربة دواء مفيد للكحة ومشهور اسمه نبات اللبلاب :
صعقت بعد معرفتي بإصابتها بورم سرطاني في الرئة وتذكرت على الفور شقيقي الأكبر الذي كان في حالة مشابهة تقريباً لحالتها ، لم ييأس ولم يستسلم كان عمره 18 ربيعاً، قال لنا الأطباء حينها أنه لن يعيش أكثر من سنتين ، لم أستطع أن أخبرها بهذه النقطة تفادياً لذكر الموت وحتى لاتضعها في حسبانها .
أخي لازال حياً يرزق رغم مضي أكثر من عشرين عاماً على اصابته ولديه عائلة جميلة وأطفال رائعون ولله الحمد .
مايعجبني في ريما ، أنه رغم الآلام والآهات التي تعتصرها إلا أنها كثيراً ماتلتزم الصمت لتخفي الآمها وهمومها وأوجاعها .. ذلك لم يثنيها ويثني عزيمتها من التمسك بالحياة والتحلي بالصبر وقوة الإيمان ، راسمةَ في محياها الابتسامة والأمل رغم الألم .. تمسك بالريشة والألوان والقلم لترسم لنا صوراَ معبرة وملهمة .. ولتغرد لمتابعيها في تويتر دون كلل أو ملل .
خاضت معارك كثيرة وشرسة في حربها مع المرض وفي آخر أيامها ذهبت للصين مرتين للعلاج
أما فلماذا نحب ريما :
- لأنها أسطورة من الصبر والعزيمة والإصرار والأمل والرضا بالقدر ورمز معبر لقوة الإيمان عند المحن والشدائد تصارع الألم وتترجمها إلى طاقة حب تنشرها فيمن حولها .
- لأنها إنسانة مسلمة مؤمنة بقضاء الله وقدره وملهمة رفعت معنويات كل مريض ومصاب بجلل وكلل تغلغل في نفسه الإكتئاب والاحباط واليأس من روْح الله ، وجعلت من الكثير يتحلى بالأمل والصبر وحب الحياة .
- لأنها إنسانة موهوبة ومثقفة تتفجر طاقات وإبداع وتبعث روح التفائل في كل من يتابعها .
- لأنها ضربت أروع الأمثلة لأخت عظيمة أحبت أفراد عائلتها فرداً فرداً رسمت لنا لوحة جميلة عن عائلة تفيض بالحب ويسودها الإحترام المتبادل .
- لأنها أخت فاضلة وشخصية محبوبة تتغلغل في قلوب متابعيها وتعامل الجميع من يعرفها ومن لايعرفها بأدب واحترام جم ، ترد على الجميع وليس كبعض المشاهير .
- لأنها رواية بحد ذاتها فيها عبرة وعظة ودرس من دروس الحياة تُحكى وتُدرَّس وتُوثّق للأجيال ، ومثال للصبر والعزيمة والتفاؤل وقوة الإيمان ، كم تركت أثراً جميلاً فينا .
بعض مشاركاتها المتميزة :
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhsHTUvKXrm2sibp7iqgvbOmuOguXbt2iUrGSJFUZWNzGdzFiGFs5Ul8BMQtk1kB4lpuLn_gV9Ry6ErAnMsSHQsIEwthd4unNbwvpHbMNlWaOV3ZewTxXPJ4-WYJvjPMuC_bDW7mi_mKeCt/s400/4806722558_f27be437d3_z.jpg)
وأخيراً ندعوا لها من قلب صادق ونسأل الله العلي القدير لها بالرحمة والغفران وأن يسكنها الفردوس الأعلى وفسيج جناته وأن ينقيها من الذنوب والخطايا ويغسلها بالماء والثلج والبرد ويغفر لها ويرحمها ويؤنس وحشتها وينور قبرها وأن يلهم أهلها وكل من يحبها الصبر والسلوان .. ويجمعنا بها في جنات النعيم .
خاتمة :
رحلت ريما.. ولكن لم يرحل معها كل ما زرعته من أمل
وداعاً يا أيقونة تويتر